وحذر الدكتور رمضان مبروك الدعدر أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية، بكرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود.. من خطورة روح الانهزام حينما تصيب الأمم، وتسيطر على نفوس أفرادها، أمام المتربصين بها، فتضعف همتها، ويعجز أفرادها عن مجرد التفكير في عوامل نهضتها، وتبلغ مبلغاً من التقهقر مما يجعلها تتنقل من مشكلة صغيرة إلى أكبر منها.
لحظة تأمل
وأشار أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية، إلى أن المتأمل في سيرة النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" في مراحل حياته يجد فيها علوّ الهمّة، والمواقف أكثر من أن تحصى وتعد، ومن أمثلتها في يوم الهجرة، عندما لحق به سراقة بن مالك، وأيقن سراقة حينها أنه سيفوز بالمائة ناقة، وبعد أن خارت أقدام فرسه عدة مرات، وأدرك أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" محمي بحمى الله تعالى، ولن ينال منه، فقال: والله يا محمد، إني لأعلم أنه سيظهر دينك، ويعلو أمرك، فعاهدني إذا أتيتك في ملكك أن تكرمني، واكتب لي بذلك، فأمر النبي "صلى الله عليه وسلم" الصديق فكتب له على لوح عظمٍ، ودفعه إليه، ولما همَّ بالانصراف، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: "كيف بك يا سراقة لو لبستَ سواري كسرى؟"، فقال سراقة في دهشة: كسرى ابن هرمز؟ وكان لكسرى ودولته شأن كبير حينها، قال رسول الله: نعم كسرى بن هرمز.
طموح لا يصدقه عقل
وأكد الدكتور الدعدر، أن هذا شيء به طموح لا يصدقه عقل، فأي همة؟ وأي أمل؟ نعم هو وحي، ومعه معنى أن النبي "صلى الله عليه وسلم" سيصل إلى المدينة سالمًا وسيقيم دولة، وتنتصر وتمتد حتى تصل إلى الفرس، وينهزم كسرى وتؤخذ غنائمهم، ومنها "سواري كسرى" تكون لسراقة، الذي سوف يسلم ويكون من أفراد الجيش الذي يهزم كسرى، وصدق رسول الله "صلى عليه وسلم" فقد تحقق هذا في عهد عمر بن الخطاب وأعطى سواري كسرى لسراقة بن مالك.
التسابق في الخيرات
وأوضح الدكتور الدعدر، إن المتأمل في نصوص القرآن والسُنّة يرى أنها قد حثت المؤمنين على ارتياد معالي الأمور، والتسابق في الخيرات، وتحذيرهم من سقوط الهمة، وتنوعت أساليب القرآن في ذلك، قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، وقال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، وقال سبحانه: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)، والأمثلة أكثر أن تعد. إنَّ القرآن الكريم قرن بين الإيمان والعمل، ووجَّه البشرية لكسب أرزاقهم عن طريق الكدح والعمل والمشي في مناكب الأرض، حتى يعفَّ الإنسان نفسه ويستغني عن غيره، والتنافس في فعل الخيرات، والتسابق إلى معالي الأمور ورفيع المنازل، وحثهم على الجد في العمل والقيام به بهمَّة ونشاط، وفي المقابل ذم التواني والكسل، وأمر بالبعد عن الهزل واللهو واللعب، ونأى بأتباعه عن كلِّ أمرٍ لا فائدةً تُرجى من ورائه، وأمرهم بالبعد عن سفاسف الأمور والترفُّع عن الدنايا والمحقِّرات، وله صور كثيرة، منها: التخاذل وذلك بكثرة الاعتذارات والاحتجاج بكثرة المشاغل، ومنها التخذيل؛ حيث لا يكتفي ضعيف الهمَّة بالتهرُّب، وإنما يثبط من أراد البذل والعمل، ومنها التهوين وذلك بتهوين الأمور أكثر من اللازم، وعكسه التهويل وهو تعسير الأمور وتهويلها.
وكلُّ هذه الأمور دليلٌ على دنوِّ همَّة الشخص ورغبته في إيثار السلامة والتهرُّب من المسئولية فضعيف الهمَّة يشغل نفسه بما لا يعنيه ويترك ما يعنيه، كأن يشغل نفسه بالقيل والقال وكثرة السؤال، والإكثار من المراء والجدال .
ثقة وقوة وإقدام
ويرى الدكتور الدعدر، أن عالي الهمة يُرى منطلقاً بثقة وقوة وإقدام نحو غايته التي حددها على بصيرة وعلم، فيقتحم الأهوال، ويستهين الصعاب، فقد قال "صلى الله عليه وسلم": "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة".
وعالي الهمة يعرف قدر نفسه، في غير كبر، ولا عجب، ولا غرور، وإذا عرف المرء قدر نفسه، صانها عن الرذائل، وحفظها من أن تهان، ونزهها عن دنايا الأمور، وسفاسفها في السر والعلن، وجنبها مواطن الذل بأن يحملها ما لا تطيق أو يضعها فيما لا يليق بقدرها، فتبقى نفسه في حصن حصين، وعز منيع لا تعطي الدنية، ولا ترضى بالنقص، ولا تقنع بالدون.
إن من علو الهمة الحث والبذل والعطاء، قال "صلى الله عليه وسلم": (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها، فليغرسها)، وقال "صلى الله عليه وسلم" لأصحابه: (إن الله تعالى يحب معالي الأمور، ويكره سفاسفها).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لا تصغرنَّ همّتكم؛ فإني لم أرَ أقعدَ عن المكرمات من صغر الهمم".
ستبقى أمة متجددة
كما طالب، الدكتور الدعدر، كل إنسان مسلم بمناسبة مولد النبي، "صلى الله عليه وسلم"، وكي يحبه الله ورسوله، أن يجود بالنفس والنفيس في سبيل رفعة وطنه وعلو شأنه، ومعه تحصيل غايته، وتحقيق بغيته؛ لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات، واللذات والكمالات كلها لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب.
فالأمة التي حضارتها آلاف السنين، ومرّ عليها عشرات الغزاة، قد تتراجع، وقد تضعف، ولكنها بإذن الله تعالى لن تموت، فإن حصل وضعفت في ميدان، فليس معنى هذا أنها ضعفت في كل الميادين، قد تتراجع في جولة من الجوالات، وقد تتيه حقبة من الزمان، وقد ينتصر عليها المتربصون بها في مساجلة نفسية، أو فكرية، ولكنها ستبقى دائمًا أمة متجددة؛ لأنها تمثل الظاهرة الفريدة في تاريخ الإنسانية، فهي أمة الثبات والصمود، والتاريخ لا يحابي أحدًا..
والأوطان لا تبنى بالشعارات، والمساجلات، وسفاسف الأمور، إنما تبنى الأوطان بالعمل والاجتهاد، والبذل والعطاء كلٌ في موقعه، يعلم أن عليه من الله رقيب، فيؤدي واجبه على الوجه الأمثل، ولا يكتفي بذلك، بل تعلو همته أن يرى وطنه في مصاف العظماء كما كان، وما يجب عليه أن يكون.
وحذر الدكتور رمضان مبروك الدعدر أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية، بكرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود.. من خطورة روح الانهزام حينما تصيب الأمم، وتسيطر على نفوس أفرادها، أمام المتربصين بها، فتضعف همتها، ويعجز أفرادها عن مجرد التفكير في عوامل نهضتها، وتبلغ مبلغاً من التقهقر مما يجعلها تتنقل من مشكلة صغيرة إلى أكبر منها.
لحظة تأمل
وأشار أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية، إلى أن المتأمل في سيرة النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" في مراحل حياته يجد فيها علوّ الهمّة، والمواقف أكثر من أن تحصى وتعد، ومن أمثلتها في يوم الهجرة، عندما لحق به سراقة بن مالك، وأيقن سراقة حينها أنه سيفوز بالمائة ناقة، وبعد أن خارت أقدام فرسه عدة مرات، وأدرك أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" محمي بحمى الله تعالى، ولن ينال منه، فقال: والله يا محمد، إني لأعلم أنه سيظهر دينك، ويعلو أمرك، فعاهدني إذا أتيتك في ملكك أن تكرمني، واكتب لي بذلك، فأمر النبي "صلى الله عليه وسلم" الصديق فكتب له على لوح عظمٍ، ودفعه إليه، ولما همَّ بالانصراف، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: "كيف بك يا سراقة لو لبستَ سواري كسرى؟"، فقال سراقة في دهشة: كسرى ابن هرمز؟ وكان لكسرى ودولته شأن كبير حينها، قال رسول الله: نعم كسرى بن هرمز.
طموح لا يصدقه عقل
وأكد الدكتور الدعدر، أن هذا شيء به طموح لا يصدقه عقل، فأي همة؟ وأي أمل؟ نعم هو وحي، ومعه معنى أن النبي "صلى الله عليه وسلم" سيصل إلى المدينة سالمًا وسيقيم دولة، وتنتصر وتمتد حتى تصل إلى الفرس، وينهزم كسرى وتؤخذ غنائمهم، ومنها "سواري كسرى" تكون لسراقة، الذي سوف يسلم ويكون من أفراد الجيش الذي يهزم كسرى، وصدق رسول الله "صلى عليه وسلم" فقد تحقق هذا في عهد عمر بن الخطاب وأعطى سواري كسرى لسراقة بن مالك.
التسابق في الخيرات
وأوضح الدكتور الدعدر، إن المتأمل في نصوص القرآن والسُنّة يرى أنها قد حثت المؤمنين على ارتياد معالي الأمور، والتسابق في الخيرات، وتحذيرهم من سقوط الهمة، وتنوعت أساليب القرآن في ذلك، قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، وقال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، وقال سبحانه: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)، والأمثلة أكثر أن تعد. إنَّ القرآن الكريم قرن بين الإيمان والعمل، ووجَّه البشرية لكسب أرزاقهم عن طريق الكدح والعمل والمشي في مناكب الأرض، حتى يعفَّ الإنسان نفسه ويستغني عن غيره، والتنافس في فعل الخيرات، والتسابق إلى معالي الأمور ورفيع المنازل، وحثهم على الجد في العمل والقيام به بهمَّة ونشاط، وفي المقابل ذم التواني والكسل، وأمر بالبعد عن الهزل واللهو واللعب، ونأى بأتباعه عن كلِّ أمرٍ لا فائدةً تُرجى من ورائه، وأمرهم بالبعد عن سفاسف الأمور والترفُّع عن الدنايا والمحقِّرات، وله صور كثيرة، منها: التخاذل وذلك بكثرة الاعتذارات والاحتجاج بكثرة المشاغل، ومنها التخذيل؛ حيث لا يكتفي ضعيف الهمَّة بالتهرُّب، وإنما يثبط من أراد البذل والعمل، ومنها التهوين وذلك بتهوين الأمور أكثر من اللازم، وعكسه التهويل وهو تعسير الأمور وتهويلها.
وكلُّ هذه الأمور دليلٌ على دنوِّ همَّة الشخص ورغبته في إيثار السلامة والتهرُّب من المسئولية فضعيف الهمَّة يشغل نفسه بما لا يعنيه ويترك ما يعنيه، كأن يشغل نفسه بالقيل والقال وكثرة السؤال، والإكثار من المراء والجدال .
ثقة وقوة وإقدام
ويرى الدكتور الدعدر، أن عالي الهمة يُرى منطلقاً بثقة وقوة وإقدام نحو غايته التي حددها على بصيرة وعلم، فيقتحم الأهوال، ويستهين الصعاب، فقد قال "صلى الله عليه وسلم": "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة".
وعالي الهمة يعرف قدر نفسه، في غير كبر، ولا عجب، ولا غرور، وإذا عرف المرء قدر نفسه، صانها عن الرذائل، وحفظها من أن تهان، ونزهها عن دنايا الأمور، وسفاسفها في السر والعلن، وجنبها مواطن الذل بأن يحملها ما لا تطيق أو يضعها فيما لا يليق بقدرها، فتبقى نفسه في حصن حصين، وعز منيع لا تعطي الدنية، ولا ترضى بالنقص، ولا تقنع بالدون.
إن من علو الهمة الحث والبذل والعطاء، قال "صلى الله عليه وسلم": (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها، فليغرسها)، وقال "صلى الله عليه وسلم" لأصحابه: (إن الله تعالى يحب معالي الأمور، ويكره سفاسفها).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لا تصغرنَّ همّتكم؛ فإني لم أرَ أقعدَ عن المكرمات من صغر الهمم".
ستبقى أمة متجددة
كما طالب، الدكتور الدعدر، كل إنسان مسلم بمناسبة مولد النبي، "صلى الله عليه وسلم"، وكي يحبه الله ورسوله، أن يجود بالنفس والنفيس في سبيل رفعة وطنه وعلو شأنه، ومعه تحصيل غايته، وتحقيق بغيته؛ لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات، واللذات والكمالات كلها لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب.
فالأمة التي حضارتها آلاف السنين، ومرّ عليها عشرات الغزاة، قد تتراجع، وقد تضعف، ولكنها بإذن الله تعالى لن تموت، فإن حصل وضعفت في ميدان، فليس معنى هذا أنها ضعفت في كل الميادين، قد تتراجع في جولة من الجوالات، وقد تتيه حقبة من الزمان، وقد ينتصر عليها المتربصون بها في مساجلة نفسية، أو فكرية، ولكنها ستبقى دائمًا أمة متجددة؛ لأنها تمثل الظاهرة الفريدة في تاريخ الإنسانية، فهي أمة الثبات والصمود، والتاريخ لا يحابي أحدًا..
والأوطان لا تبنى بالشعارات، والمساجلات، وسفاسف الأمور، إنما تبنى الأوطان بالعمل والاجتهاد، والبذل والعطاء كلٌ في موقعه، يعلم أن عليه من الله رقيب، فيؤدي واجبه على الوجه الأمثل، ولا يكتفي بذلك، بل تعلو همته أن يرى وطنه في مصاف العظماء كما كان، وما يجب عليه أن يكون.