بقلم/ سماء عبد المنعم زيدان.
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد احتمالية تعرض الأطفال للتحرش الجنسي مرتبطة بمقابلة المتحرش والضحية بشكل مباشر، بل أصبح بإمكان المتحرش الوصول إلي الضحية داخل بيته، لينتقل التحرش من العالم الواقعي إلي المجتمع الافتراضي الإلكتروني، فالمواقع الإلكترونية تمثل تربة خصبة لانتشار التحرش الإلكتروني، اعتمادا علي إخفاء الهوية فإخفاء المعلومات الشخصية من أهم الأسباب التي ساعدت علي انتشار التحرش الإلكتروني، فاعتماد الأطفال علي الإنترنت والإعلام الإلكتروني أدى إلى تضاعف تعرضه للمواد الجنسية بكل أشكالها وزواياها، فكان الاستخدام الواسع للإنترنت سبباً في إتاحة فرص صناعة المواد الجنسية الإباحية بشكل أكبر، وظهور تجارة الجنس الخاص بالأطفال لما تعرضه من صور ومقاطع فيديو لأطفال حقيقين أو شخصيات كارتونية في أوضاع جنسية.
تعددت أشكال وأنماط الجرائم الموجهة ضد الأطفال المستخدمين للإنترنت في ظل صعوبة سن قوانين وإجراءات وضوابط تحد من مختلف التجاوزات والجرائم كالتحرش الإلكتروني، والتخطيط لجرائم جنسية، وصناعة الأعمال الإباحية وصور الأطفال الفاضحة علي الإنترنت، ويدخل ذلك في إطار الاستغلال الجنسي للأطفال وغيرها من الجرائم الإلكترونية التي تؤثر علي التكوين النفسي والاجتماعي للطفل.
وتعتبر مرحلة الطفولة أهم المراحل العمرية للفرد فلابد من زرع القيم والمعتقدات والمبادئ في هذه المرحلة؛ مما يساعده علي التمييز بين ما هو صحيح وما هو خاطئ، وتنشئته بشكل سليم ليستطيع التكيف مع البيئة الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية التي يعيش فيها أو يتفاعل معها، خاصة في ظل انتشار التكنولوجيا التي حملت أفكار وقيم ومعتقدات وممارسات خطيرة.
تشير الإحصائيات العالمية إلى أن الأطفال هم من أكثر ضحايا الجريمة الرقمية على الإنترنت، وتؤكد أن 80% من الأطفال الذين يستخدمون البريد الإلكتروني يستقبلون رسائل بريد إلكتروني دعائية كل يوم، وبخاصة خلال فترات العطلة حيث يقضي الأطفال الكثير من الوقت في تصفح الإنترنت، فيتم استدراجهم عن طريق غرف الدردشة أو عن طريق طلب صورهم والعبث فيها ونشرها في مواقع إباحية.
في الآونة الأخيرة ظهرت صور مختلفة للتحرش من خلال الهواتف الذكية فينتهك الخصوصية ويخدش الحياء، أثبتت دراسة بعنوان دوافع تعرض الأطفال للمواد الإباحية علي الإنترنت والقنوات الفضائية والإشباعات المتحققة منها أن 97% من الأطفال تعرضوا للمواقع الإباحية علي الإنترنت عن طريق الصدفة وأصبح 34% منهم يدخلون علي المواقع الجنسية وذلك رغبة في التسلية وحب الاستطلاع وخوض تجربة جديدة. وفي دراسة أخري بعنوان الكشف عن فئات المضايقات الإلكترونية توصلت إلي أن 95% من المتحرشين عبر الإنترنت يعتمدون علي عدم ظهور هوياتهم و 40% من عينة الدراسة تعرضوا للتحرش الإلكتروني وعانت الإناث من أشكال شديدة الخطورة.
أشارت مجموعة من الأدبيات إلي وجود انتهاكات علي مواقع التواصل الاجتماعي منها: انتهاكات حدثت لبعض الحالات من خلال إرسال صور جنسية عبر الفيس بوك أو مواقع المحادثات أو البريد الإلكتروني، مؤكدة أيضاً أن الفيديوهات الجنسية تمثل نمطاً من أنماط الانتهاكات عبر الإنترنت، وأن هناك نمطاً من أنماط التحرش الجنسي عبر الإنترنت يعتمد بالأساس على الرموز التي تتضمن إيحاءات جنسية.