في ذكرى عاشور الناجي"نجيب محفوظ"، ننشر كلمته الشهيرة أمام اللجنة السويدية.
في ذكرى عاشور الناجي"نجيب محفوظ"، ننشر كلمته الشهيرة أمام اللجنة السويدية.
كتَبَ: أحمد راغب. في ١٣ من أكتوبر عام ١٩٨٨م، تلقينا نحنُ العرب، والشعب المصري، والعالم أجمع، خبر حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب. يعدُّ نجيب محفوظ هو أول من حصل من العرب على جائزة نوبل، وهو الوحيد بين أدباء العرب في الحصول عليها، وما زال منفردًا بها حتى ساعتنا هذي. وفي ٨ ديسمبر عام ١٩٨٨م، ألقى الكاتب محمد سلماوي، كملةً مكتوبة على ثماني ورقات "فلوسكاب" كتبها محفوظ، وأعطاها له. وقد جاءت مقسمة إلى شقين، الأول فيها شق سياسي يتعلق بالعالم العربي وأزمة فلسطين وما يعانيه الشعب من اضطهاد داخل الأراضي المحتلة، ودور المجتمع الدولي في هذا الشأن، والثاني الشق الأدبي؛ حيث يتعلق بإحساسه كأديب عن فوزه بجائزة نوبل وكيفية استقباله لها، وألقيت الكلمة من بالسويدية والعربية، والفرنسية والإنجليزية. الكلمة: " سادتي: في البدء أشكر الأكاديمية السويدية ولجنة نوبل على التفاتها الكريم لاجتهادي المثابر الطويل, وأرجو أن تتقبلوا بسعة صدر حديثي إليكم بلغة غير معروفة لدى الكثيرين منكم, ولكنها هي الفائز الحقيقي بالجائزة, فمن الواجب أن تسبح أنغامها في واحتكم الحضارية لأول مرة,ولي كبير الأمل ألّا تكون الأخيرة,وأن يسعد الأدباء من قومي بالجلوس بكل جدارة بين أدبائكم العالميين الذين نشروا أريج البهجة والحكمة في دنيانا المليئة بالشجن.. سادتي أخبرني مندوب جريدة أجنبية في القاهرة بأنّ لحظة إعلان اسمي مقروناً بالجائزة ساد الصمت,وتساءل كثيرون عمّن أكون,فاسمحوا لي أن أقدَّم نفسي بالموضوعية التي تتيحها الطبيعة البشرية,أنا ابن حضارتين تزوجتا في عصر من عصور التاريخ زواجاً موفقاً أولاهما عمرها سبعة آلاف سنة وهي الحضارة الفرعونية وثانيتهما عمرها ألف وأربعمائة سنة وهي الحضارة الإسلامية,قُدّر لي أن أولد في حضن هاتين الحضارتين,وأن أرضع لبانهما وأتغذى على آدابهما وفنونهما,ثم ارتويت من رحيق ثقافتكم الثرية الفاتنة ومن وحي ذلك كله-بالإضافة- إلى شجوني الخاصة-ندت عني كلمات أسعدها الحظ باستحقاق تقدير أكاديميتكم فتوّجت اجتهادي بجائزة نوبل فالشكر أقدّمه لها باسمي وباسم البناة العظام من مؤسسي الحضارتين! ولعلكم تتساءلون:هذا الرجل القادم من العالم الثالث كيف وجد من فراغ البال ما أتاح له أن يكتب القصص؟وهو تساؤل في محلّه. فأنا قادم من عالم ينوء بالديون,ينوء بالفقر والمجاعة,والنّبذ والحرمان من أي حق من حقوق الإنسان في عصر حقوق الإنسان!أجل كيف وجد الرجل القادم من العالم الثالث فراغ البال ليكتب قصصاً؟ولكن من حسن الحظ أن الفن كريم عطوف,وكما أنه يعايش السعداء فإنّه لا يتخلّى عن التعساء! في هذه اللحظة من تاريخ الحضارة لا يعقل ولا يقبل أن تتلاشى أنّات البشر في الفراغ,لاشك أن الإنسانية قد بلغت سن الرشد,واليوم يجب أن تتغير الرؤية من جذورها,اليوم يجب أن تقاس عظمة أي قائد متحضر بمقدار شمول نظرته وشعوره بالمسؤولية نحو البشرية جميعاً. وما العالم المتقدّم والثالث إلّا أسرة واحدة,يتحمّل كل إنسان مسؤوليته نحوها بنسبة ما حصّل من علم وحكمة وحضارة,ولعلّي لا أتجاوز واجبي إذا قلت باسم العالم الثالث:لا تكونوا متفرّجين على مآسينا ثم إنكم من موقع تفوّقكم مسؤولون عن أي انحراف يصيب أي نبات أو حيوان فضلاً عن الإنسان في أي ركن من أركان المعمورة! خنقنا بالكلام وآن أوان العمل,آن الأوان لإلغاء عصر قطاع الطرق والمرابين,أنقذوا المستعبدين أنقذوا الجائعين أنقذوا المضطهدين,ثم أين تجد أنّات البشر مكاناً تتردد إذا لم تجده في واحتكم الحضارية التي غرسها مؤسّسها لخدمة العلم والأدب والقيم الإنسانية الرفيعة. وكما فعل ذات يوم يرصد ثروته للخير والعلم للمغفرة فنحن -أبناء العالم الثالث-نطالب القادرين المتحضّرين باحتذاء مثاله واستيعاب سلوكه ورؤيته.. سادتي.. رغم كل ما يجري حولنا فإنني ملتزم بالتفاؤل حتى النهاية,لا أقول مع الفيلسوف (كانت) أن الخير سينتصر في العالم الآخر فإنه يحرز نصراً كل يوم,بل لعلّ الشر أضعف مما نتصور بكثير وأمامنا الدليل الذي لا يجحد. فلولا النصر الغالب للخير ما استطاعت شراذم من البشر الهائمة على وجهها عرضة للوحوش والحشرات والكوارث الطبيعية والأوبئة والخوف والأنانية ,أقول لولا النصر الغالب للخير ما استطاعت البشرية أن تنمو وتتكاثر وتكوّن الأمم وتكتشف وتبدع وتخترع وتغزو الفضاء وتعلن حقوق الإنسان! غاية ما في الأمر أن الشر عربيد ذو صخب مرتفع الصوت. وأن الإنسان يتذكر ما يؤلمه أكثر مما يسرّه,وقد صدق شاعرنا أبو العلاء عندما قال: إن حزناً ساعة الموت أضعاف = سرور ساعة الميلاد! سادتي…. أكرر الشكر وأسألكم العفو!". **** نجيب محفوظ ذلك الأديب الفذ، العبقري حدّ البساطة، العميق حدّ الفهم لأبسط العوام، تحلُّ ذكراهُ اليوم حيثُ فقدناه، ولربما فقدنا القلم الأعز من بعده. جديرٌ بالذكر ترشُح الأديب والمفكر السوري "أدونيس" لجائزة نوبل عدة مرات، لكنه لم يحصل عليها، وهناك لغط كثير حول تورطه في قضية جنسية، والبعض يرى أن هذا الأمر مصنوع صنعًا لحرمان العرب من الجائزة.

التعليقات

أخبار شبيهة

بحث

مساحة اعلانية

آخر الصور

أخبار متميزة

السقا ينعى هيثم أحمد زكي: كنت أجدع وأطيب الناس

 والد زيزو :اللاعب وقع للزمالك دون أى اشتراطات لأن الأبيض هو السبب فى كل ما وصل له زيزو

النيابة العامة: إلقاء القبض على المتهم بإنشاء أكاديمية وهمية وبيع شهادات علمية مزورة

"زمزم" تساهم بـ 300 كرسي متحرك لمستشفيات المشاعر ضمن إسهاماتها لخدمة للحجاج

غداً... اللجنة الفنية بالإسماعيلى تعقد مؤتمرا صحفيا لإعلان الرحيل عن القلعة الصفراء

قرار جمهورى بإنشاء "مؤسسة الجامعات الكندية فى مصر" بالعاصمة الإدارية

وزير التنمية المحلية : لا تهاون في التعامل مع أي مخالفات أو تعديات علي أراضي وأملاك الدولة

ماراثونا رياضيا حاشد، اليوم الجمعة، لشباب مركز ههيا في محافظة الشرقية.

بخطوات سهلة وبسيطة لك طريقة تحضير البطاطس المشوية بالفرن

مقتل ٤ نزلاء وإصابة آخر نتيجة هروب من أحد سجون فلبين

مساحة اعلانية