كتبَ: أحمد راغب
"الأبطال يُخلدهم التاريخ"، هي نفسها العبارة التي ختمتُ بها مقالي السابق- بالخرطوم والملعقة- عن روح البطولة عند العرب.
كذلك نلمحُ روحَ البطل الصادق في كلماته أما شاشة التلفاز وهو منفعل إنفعال الأبطال الغيورين الخائفين على وطنهم: "٤٠ سنة بقاتل... أكتر من ٤٠ سنة بقاتل وهقاتل، هقاتل أولًا عشان مين؟!، عشان ربنا.. وعشان مصر."، إنه المُشير «محمد حسين طنطاوي» القائد العام- الأسبق- للقوات المسلحة.
رجل دولة من طرازٍ رفيع، قادَ البلاد في فترةٍ عصيبة من عُمرها.
وُلِدَ في ٣١ من أكتوبر لعام ١٩٣٥م، لأسرة مصريةٍ نوبية، وشارك في أربعة (٤) حروب ضد إسرائيل؛ العدوان الثلاثي، حرب ١٩٦٧م، وحروب الإستنزاف، وكذلك حرب أكتوبر المجيدة سنة ١٩٧٣م. كان المشير طنطاوي قائدًا للكتيبة ١٦ بسلاح «المُشاة»، التي حققت بطولات كبيرة خلال ملحمة عبور قناة السويس، وتحرير سيناء. دخل المشير «طنطاوي» في مواجهةٍ مباشرة مع القوات الإسرائيلية، وتحديدًا مع «آرييل شارون» أثناء حرب أكتوبر ٧٣، وهي معركة «المزرعة الصينية» في أكتوبر ١٩٧٣م؛ حيث كبّدت الكتيبةُ -بقيادة طنطاوي- الإسرائيليينَ خسائر فادحة.
بعد إنتهاء الحرب، روى طنطاوي بطولات كتيبته في تسجيل تلفزيوني نادر قال فيه: " كُنت كل همّي في الليلة دي.. إن أنا ما ارجعش ولا فرد من الأفراد اللي هُمَّ جم الموقع.. دي معركة من المعارك الكتير اللي خاضتها الكتيبة من يوم العبور من ٦ أكتوبر، حتى إيقاف إطلاق النيران."
تَدَرَّجَ «طنطاوي» في المناصب العسكرية والترقيات، وحصل على عدد كبير من الأوسمة، حتى أصبح وزيرًا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية في عام ١٩٩١م، وحصوله على رُتبة «مشير» في ١٩٩٣م.
ورافق الرئيسَ الأسبق «محمد حسني مبارك» طيلةَ عقدين من الزمان. زِيُّ المشير طنطاوي جَسَّدَ مشواره وتضحياته؛ حيث حمل أوسمةً وأنواطًا، وميدالياتٍ عدة، منها وسام التحرير، ونوط الجلاء العسكري، ونوط النصر، ونوط التدريب، ونوط الخدمة الممتازة، ووسام الجمهورية التونسية، ووسام تحرير الكويت، ونوط المعركة، وميدالية تحرير الكويت، وميدالية يوم الجيش لبناء القدرة العسكرية والاقتصادية للجيش المصري.
قادَ «طنطاوي» مصرَ في أخطر الفترات الحرجة بعد تنحي مُبارك في سنة ٢٠١١م، بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وهو الذي قال: " لو القوات المسلحة سقطت.. مصر هتسقط..، وإحنا لا يمكن نسيبها تسقط أبدًا."
ظلَّ طنطاوي في قيادة الدولة المصرية حتى قيام الرئيس بأداء اليمين الدستوري وتسلُّم منصبه في يوليو ٢٠١٢م. أُحيلَ طنطاوي للتقاعد في ١٢ أغسطس ٢٠١٢م، وذلك من قِبَل الرئيس المصري الأسبق «محمد مرسي»، وقد منحه مرسي قلادة النيل وعُيِّن مستشارًا له.
كرَّمَهُ الرئيسُ «عبد الفتاح السيسي» في إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة، ووصفه بأنه قاد مصر في أصعب الفترات.
رحل طنطاوي عن عالمنا في نفس اليوم الذي رحل فيه زعيمُنا البطل «أحمد عرابي».. هكذا يتشابه الأبطال. - وداعًا سيادة المشير.