جامعة القاهرة و مذبحة نتائج المعادلة
أحمد راغب
بـقلـم : أحمد راغب
منذ ثلاثة أيام كنتُ ذاهبًا إلى عملي، وألحَّتْ عليَّ مسألةٌ أقضيها لأحد أصدقائي بجوار جامعة القاهرة، وأثناء مروري ناحية منطقة «بين السرايات» عند الجامعة، لاحظت زحامًا شديدًا على المكتباتِ هناك، من الإناث والذكور الشباب والشابات.
كان يبدو على وجوههم -التي شدهت نظري- شُحوبًا غير طبيعي، وكأنهم عالقين في قمة جبل شاهق، أو على شفا حُفرةٍ من نار، أو أنهم على هاويةٍ يكادوا ينزلقون فيها.
تساءلت عن السبب بطبعي البشري- وبطباعي الصحفية- فجاوبني الكثيرون في صوتٍ واحد كأنهم يُأمِّنون وراءَ إمامٍ في صلاة الجمعة قائلين: "حسبي الله ونعم الوكيل". أصابني العجب، وكررت سؤالي بشكلٍ أكثر وضوح هذه المرة، ما سبب وجود هذا العدد الهائل هُنا؟، ولماذا تبكي تلك الفتايات، وتلك، وتلك الأخرى أيضًا؟!!.
أجابَ أحدهم بعدما استجمع قواه: نحنُ هنا من أجل عمل «إلتماس» لإعادة النظر في تصحيح الأوراق، الخاصة بمعادلة التجارة جامعة القاهرة؛ حيث اُمتُحِنوا في مسابقة المعادلة التي تسنح فرصةً للطلاب من المعاهد والدبلومات الفنية الإلتحاقَ بكلية التجارة بعد عمل تلك المعادلة، بشرط النجاح فيها بنسبة تتجاوز الخمسين في المئة، ومن ثَمَّ تكفل لمن يحصل على نسبة ٦٥ في المئة الإلتحاق بالكلية إنتظامًا، و ٥٠٪ إنتسابًا مع فرصة تحوله لنظام "الإنتظام" إذا حصل على تقدير "جيد" في السنة الأولى من دراسته بكلية التجارة.
كثُرَت أسئلتي، وزادت إستفهاماتي من الطلبة، ما الذي قد حدث، ليصير الأمر على هذا النحو؟، أيُعقل أن يكون كب هذا العدد من الطلاب راسبًا؟! ، كيف حدث ذلك؟ البعض أجابني بأن هذا الأمر غير منصفٍ تمامًا، وأنه يصل إلى حدّ التَّعمُّد؛ حيث يتعرض أصحاب الدبلومات الفنية إلى نوع من الاحتقار ونظرة الإنتقاص، وتُمَارَس عليهم سياسة التمييز، بينهم وبين طلاب الثانوية العامة، الأمر الذي وصل إلى عدم الإنصاف في فرصة الإلتحاق بكلية التجارة من طلاب الدبلومات والمعاهد الفنية.
بعض الطالبات شاركن إيانا الحديث والحوار، وقمن بفتح أجهزة هواتفهم المحمولة؛ ليروني بعض الصور الخاصة بنتائج إمتحان المعادلة؛ وفوجئتُ مما رأيت حقًا!.
عشرات الصور التي تُظهر نتائج الطلاب في المواد مادةً مادة (ناجحون)، وعندما ننظر إلى خانة المجموع الكلي/النتيجة الكلية تجد بها «راسب» على الرغم من نجاح الطلاب في المواد كلها، وهو ما كان واضحًا تمامًا في خانة كل مادة.
لا يمكن أبدًا أن أصف لكم كم الأعداد التي شاهدتها، بل غرقت وسطها من كثرة الزحام الشديد، وكلهم لنفس الأغراض، من أجل طلب إلتماس على الموقع الخاص بالمعادلة، الذي كان يعملُ لدقائق ويتعطل لساعات! ..وعليه تتكرر الجملة العقيمة «السيستم واقع»!
سألت بعض أصحاب المكتبات للتأكد من الأمر. كل من سألتهم بلا استثناء، أجاب أن المئات من طلاب المعادلة، جاءت نتائجهم بالرسوب في بعض المواد، وخاصة- وعلى وجه التحديد- مادتي اللغة الأجنبية الأولى(الإنجليزية) واللغة الأجنبية الثانية (الفرنسية).
الإنتكاسة كانت تسود -أيضًا- على وجوه بعض أولياء الأمور الذين تواجدوا مع أبناءهم هناك.
من الدبلومات والمعاهد، الفنية، من التعنت الشديد تجاههم، معبرين عن ذلك بأن الجامعة، لم تعط لهم أيَّ محاضرات، أو كتب، فقط البعض يقول أنهم قد تسلموا بعض الملازم، ولم يحصل أيًّا منهم على أية درجات رأفة.
كما قد اشتكى الكثيرون أيضًا من عدم دقة التصحيح، وسوء التنظيم، بالإضافة إلى المشاكل التي قد واجهوها في النتائج عبر الموقع الخاص بالجامعة.
لقد تعب أهالي هؤلاء الطلاب، وأُنهِكَ الطلابُ من مشقة ما شعروا به من ظلمٍ على حد وصفهم، وقد رأيتُ واستمتعتُ لعدد كبير منهم، وشعرتُ بما يشعرون، وكان من الواجب عليَّ أن أنقل شكواهم للنور، وتحديدًا إلى المحترم سيادة رئيس جامعة القاهرة الدكتور «محمد عثمان الخشت». الطلاب يرجون من سيادتكم أن يتم النظر في مشكلتهم، وشكواهم.
«السوشيال ميديا» مشتعلة على هذا الأمر، والإشاعات تنتشر، فرفقًا بأبنائنا، كما اعتدنا منك أن تستمتع -كأبٍ ومسؤول- لشكوى الطلاب، فها نحنُ من مسئوليتنا الصحافية نُلقْ على عاتق سيادتكم أمر حل تلك الأزمة المحتدمة الخاصة بطلاب المعادلة، ووفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، وحفظ الله مصرنا وشبابها، وطلابها.