التهديدات المحيطة بنا تشكل بيئة خصبة للتنشئة القائمة على الخوف
كتبت أسماء وليد
تشكل التهديدات المحيطة بنا بيئة خصبة لتنشئة الأطفال بطرق قائمة على الخوف، وقد يؤدي ذلك على المدى البعيد إلى مخاوف غامضة وعدم الشعور بالاستقلالية والحرية.
حيث تؤدي تنشئة الأطفال القائمة على الخوف إلى مشاكل نفسية كبيرة عند البلوغ، منها فقدان الثقة بالنفس وعدم الشعور بالاستقلالية والخوف من المبادرة و إتخاذ القرارات.
كما تأخد التربية القائمة على الخوف عدة أشكال، منها الإيماءات والعنف اللفظي أو المادي، وذلك بهدف السيطرة على الطفل وإجباره على إطاعة الأوامر.
وهذا الأسلوب في التنشئة ينبع من خوف الوالدين من التقصير في تربية الأبناء، أو الخشية المفرطة عليهم، وينتهي الأمر بزرع بذور القلق والخوف لدى الطفل.
بالإضافة إلى أن تربية الأطفال في أوقات الأزمات وعدم الإستقرار الأمني سبب آخر للتربية القائمة على الخوف، وهو ما يعيق المسار الطبيعي لنمو الطفل وينطوي على مخاطر كبيرة تهدد استقراره النفسي .
كما تقوم التنشئة الاستبدادية من أجل أن ينمو الطفل نفسياً بشكل سوي، فإنه يحتاج إلى معرفة الحدود التي لا ينبغي تجاوزها على المستوى الإجتماعي حتى يتكيف مع بيئته بالشكل الأمثل مع التقدم في السن.
و يعتبر توضيح تلك الحدود من المهام الأساسية للوالدين، لكن كثيرين يفشلون في ذلك ويلجؤون إلى أساليب تتسم بالعنف من أجل تحقيق الهدف، وبدلا من رسم الحدود الإجتماعية للطفل فإن المعاملة السيئة والسلوك الاستبدادي قد تؤدي إلى زعزعة ثقة الطفل في نفسه، وقد يفرز ذلك في مرحلة لاحقة شخصاً خاضعاً أو راديكالياً .
و في بعض الأحيان تسبب مسؤولية رعاية الأطفال اضطراباً شديداً لأحد الوالدين أو كليهما، حيث يسعى الأب أو الأم إلى بذل قصارى جهده لتنشئة الطفل تنشئة سليمة ومتوازنة، لكنه يعجز عن ذلك بسبب عدم إلمامه بالآليات والأساليب المناسبة.
وقد يشعر الآباء أن أطفالهم ضعفاء للغاية ويلجؤون إلى حمايتهم بشكل مفرط لمنع حدوث أي ضرر، لكن الدراسات العلمية تؤكد أن هذا السلوك خطير للغاية على الأطفال .
فعندما يعيش الوالد في حالة قلق مستمر، ويتوقع أن الطفل إذا زحف أو ركض قد يسقط حتما من أعلى الدرج، وإذا لعب أمام المنزل فمن المرجح أن يضيع، فإن تلك المخاوف غير المبررة تنتقل تلقائياً إلى الطفل وتجعل منه شخصاً غير متوازن.
و سيشعر الطفل عندما يصبح بالغاً بمخاوف غير مبررة يصعب عليه التخلص منها، وقد يجد نفسه عاجزاً عن مواجهة التحديات والمشاكل التي تواجهه، وعاجزاً عن المبادرة و إتخاذ أي قرار خوفاً من آراء الآخرين .
لذلك من المؤكد أن جميع الآباء قد تساءلواً يوماً ما عن أفضل طريقة لتنشئة الطفل؛ ليتمكن من مواجهة التحديات في عالم اليوم الذي يعج بالمخاطر والتهديدات، أي تحقيق التوازن بين مجابهة الخطر وعدم التهور.
و في الواقع قد تمثل التهديدات المحيطة بنا بيئة خصبة للتنشئة القائمة على الخوف، وقد يؤدي ذلك على المدى البعيد إلى مخاوف غامضة وعدم الشعور بالاستقلالية والحرية.