للدكتور .خالد قنديل
السوق المصرية وتداعيات الحرب
السوق المصرية وتداعيات الحرب
النائب الدكتور خالد قنديل
لا شك أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا سيكون لها تداعيات كبيرة على كثير من مناطق ودول العالم المختلفة نظرًا لما يمكن أن نسميه تشابك المصالح الدولى، وطبيعى أن تطال هذه التداعيات بالتأثير على الاقتصاد المصرى، ما يجعلنا نتحسب أننا أمام أزمة تحتاج إلى تضافر جهود القوى الوطنية، والاستفادة من القدرات المحلية. من تلك التداعيات تأثر وارداتنا من البترول والقمح، فى ظل الارتفاع الكبير والمتواصل فى الأسعار، ومصر تستورد حاليا أكثر من 120 مليون برميل، والذى كان سعره المقدر فى الموازنة المصرية 60 دولارا، وارتفع فى الأسواق العالمية ليلامس 120 دولارا. كما بلغت كمية واردات مصر من القمح 6.1 مليون طن خلال الـ 11 شهرا الأولى من العام الماضى، وتصدرت روسيا الدول الموردة للقمح إلى مصر، بواقع 4.2 مليون طن بنسبة 69.4% من إجمالى كمية واردات مصر من القمح، وجاءت أوكرانيا فى المرتبة الثانية بواقع 651.4 ألف طن بنسبة 10.7%، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية متأثرة بالارتفاع فى أسعار الطاقة والحبوب، وهناك مخاوف من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على الإنتاج الزراعى فى أوروبا، المعتمد على الميكنة بدلا من الأيدى العاملة، مما سيفاقم من حدة الأزمة، وشهدت عدة بلدان أوروبية مظاهرات للمزارعين احتجاجا على ارتفاع أسعار الطاقة، وأعربوا عن مخاوفهم من تأثر الإنتاج بالارتفاعات الكبيرة والمتوالية. وإذا كان المخزون المصرى من القمح يكفى لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر، فإنه يوفر لنا بعض الوقت لكى نبحث عن بدائل، ونتخذ عددا من الإجراءات للحد من الأزمة. وأهم هذه الإجراءات هى رفع أسعار توريد القمح المحلى للموسم الحالى، والذى يتراوح بين 800 جنيه و820 جنيها للأردب، بزيادة 100 جنيه على العام الماضى، ويتطلب الأمر إعادة النظر فى هذه الزيادة ورفعها بمعدل مناسب يشجع الفلاحين على التوريد لزيادة المخزون لفترة أطول، بما يمنحنا فرصة أطول فى إيجاد بدائل. إن البدائل الأجنبية لن تحقق لنا الكثير، لأن استمرار الحرب سيشعل المنافسة على الاستيراد ويرفع الكلفة أضعافا مضاعفة، ويسرى ذلك على الواردات من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وأوروبا، والرهان على توقف الحرب ليس بأيدينا، ولهذا علينا التخطيط لمواجهة أسوأ السيناريوهات، وليس أمامنا إلا السير فى اتجاهين، أولهما زيادة الأراضى المزروعة بالقمح، خاصة الأراضى الجديدة فى توشكى وسيناء، إلى جانب الاستفادة من غزارة الأمطار على سواحلنا الغربية، وزراعة مساحات أكبر من القمح، مع حفر آبار جديدة فى تلك المناطق، تحوطا لأى ظرف طارئ، مثل تأخر سقوط الأمطار، أو مد أنبوب لنقل المياه العذبة الكافية لرى تلك المساحات لمواجهة انخفاض أو تأخر الأمطار، بما يشجع المزارعين على زراعة مساحة أكبر، وإشراك معهد البحوث الزراعية فى اختيار وتقديم الأنواع المناسبة من التقاوى، واستخدام الأصناف الأقل استهلاكا للمياه، والتى تتحمل نسبة جفاف أو ملوحة، بما يضمن جودة المحصول. أما المسار الثانى فهو ترشيد الاستهلاك وضبط الأسواق، وأن نعمل على المواجهة الشعبية والجماعية للأزمة، ونعتبرها قضية وطنية نعمل فيها على التحام الجهود الحكومية والحزبية والشعبية لكى تحقق الهدف منها، إلى جانب حملة إعلامية لترشيد الاستهلاك وخفض الهدر فى كل مراحله، للاستفادة القصوى منه. كما يجب أن نرفع من إنتاج المحاصيل والسلع البديلة، أما أزمة ارتفاع أسعار البترول ومشتقاته، والتى سيخفف إنتاجنا من الغاز وارتفاع سعره منها، فيمكن أن نجد بدائل لدى أشقائنا فى دول الخليج، كما يمكن التباحث مع الأطراف الليبية لرفع الإنتاج الذى تراجع بسبب الحرب والخلافات، وأن نبذل كل جهد من أجل رفع الإنتاج الليبى، والذى سيسهم فى زيادة دخل أشقائنا الليبيين، ويسهل تجاوز أزماتهم

التعليقات

أخبار شبيهة

بحث

مساحة اعلانية

آخر الصور

أخبار متميزة

مساحة اعلانية