انقضى شهر الصوم والبركات ولا تنتهي من الدنيا ومن أيام الله البركة والخير
د. خالد قنديل يكتب: السلام.. هديةُ كل عيد
الكاتب الدكتور /خالد قنديل
انقضى شهر الصوم والبركات ولا تنتهي من الدنيا
ومن أيام الله البركة والخير، حيث عيد الفطر المبارك في أبهى ثوب، والذي يأتي بعد أعيادٍ مباركة على الأمة وعلى مصر، فمن عيد القيامة المجيد وتلاه أعياد شم النسيم، الذي توافق مع عيد تحرير سيناء، ليأتي عيد البهجة الذي يعد فرصة كبيرة وجديدة فرصة للترويح عن النفس من هموم الحياة، وحرصًا أكبر على صلة الأرحام، وكذا التأكيد على روح السلام بين الناس جميعًا كبيرهم وصغيرهم، رجالهم ونسائهم وكل من على هذه البسيطة.
فإذا تأملنا كلمة "السلام" واشتقاقاتها، سنهتدي إلى معانٍ بليغة كلها ترقى بالنفس وتطمئنها، ذلك أن الله سبحانه وتعالى من صفاته وله الكمال، ومن أسمائه الحسنى "السلام"، إذ يقول تعالى: "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ"، ولعلنا إذا بحثنا في عمق ومفهوم السلام سوف نكتشف جوانب عدة وجميعها ترتبط بشئون حياتنا، منها التسليم بعطاء الله كله كثيره وقليله، فالإنسان الذي يسلم من الأذى والشرور ومن كل ما يخاف فهو إنسان سالم ويعيش في سلام، ومن ثم فالسلام ليس مجرد صفة عادية وإنما حثت عليها جميع الأديان، وفي الإسلام نجده كذلك مشتق من اسمه فكل ما هو مسلِم ومسالمُ ومسلّم ويسلّم ويسالم ويسلم من "السلام"، هذه القيمة العظيمة التي تنطوي وتدعو إلى التآلف والتآخي والمعاملة بالحسنى والودٍ واللين.
ولعل أهم ما في السلام هو سلام الإنسان مع نفسه أولا، ذلك أن السلام النفسي يقود إلى نتائج جمة من شأنها أن تستقيم معها الحياة، فالشخص الذي يتمتع بسلامٍ نفسي ينعكس ذلك على جميع حياته وعلى المحيطين به وكل من حوله، بل إنه يكون قبلة للحائرين الذي يحتاجون إلى حكمة تعينهم على مواجهة الصعوبات والمشاق، ويستطيع هذا الإنسان كذلك أن يبلغ أمانيه بنفس راضية وهو مسلم بقدر الله طالما أنه سعى واجتهد، حتى أنه ليجد سلامه مع نفسه في حد ذاته نتيجة عظيمة لا تتأتى إلا لذي صبر وحكمة ووعي وتسليم بأمر الله.
كما أن سلامنا مع الآخر من شأنه أن يوجد مجتمعات آمنة وملء قلوبها خير كثير، فتحل الحياة المطمئنة وتنقشع أفكار الحروب، حين يحيا كل فرد بالسلام متناغماً مع الآخرين متآلفًا معهم، غير طامع فيما لديهم، ولا يضمر لهم شرًا أو يريد لهم سوءًا.
ومع إشراقة أيام عيد الفطر المبارك، نأمل أن تصفو نفوسنا جميعا، ونستغل هذه الأيام الطيبة المباركة من أجل مزيد من التواد والتراحم بيننا والسعي جاهدين للقضاء على الظواهر المجتمعية السلبية التي تؤثر على السلام المجتمعي كالتنمر ومناصبة العداء المجاني والتربص بالناس، بل نجتهد لإحلال روح السلام بيننا وصولا لقيمة المحبة التي تنطوي على الخير كله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا، أوَلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السّلام بينكم، فالسلام من شأنه أن يجعل الشّعوب قادرة على البناء وإيجاد إنسان مثالي يليق بمجتمعه والحياة ككل يتعلم ويكتسب الثقافات ويسعى لإفادة البشرية ويبنى الحضارات وينهض بنفسه وأسرته ومحيطه ومجتمعه ووطنه نقلا عن الاهرام