فاجعة نيرة تعصف بشهامة المصريين.. المتفرجون على الجريمة «شركاء للقاتل».. ومحام: «لو حد قتل المجرم لا يعاقب»
فاجعة نيرة تعصف بشهامة المصريين.. المتفرجون على الجريمة «شركاء للقاتل».. ومحام: «لو حد قتل المجرم لا يعاقب»
مشاهدة جرائم القتل في الشارع

كتب محمدود محمد/

اتخذ نمط الجريمة والخسائر في الأرواح منعطفًا خطيرًا في الآونة الأخيرة، خاصة وسط حالة السلبية واللامبالاة التي سيطرت على المواطنين، وجعلتهم معتادين على مشاهد العنف والدم، ففي الفترة الأخيرة شهد المجتمع بعض جرائم البلطجة التي تكون أمام المارة بالشوارع في وسط النهار، ولم يتحرك أحد لمنع الجريمة أيا كانت "قتل أو تحرش" أو غيرها؛ بل يكتفون بمشاهدة الواقعة والتسابق في تصويرها وسرعة نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

كانت حادثة مقتل الفتاة الجامعية "نيرة أشرف" على يد زميلها في الجامعة، آخر هذه الجرائم التي أثارت الجدل والاستنكار؛ حيث انهال عليها القاتل بطعنها بطعنات متفرقة في الصدر والبطن، في مشهد مرعب بشارع رئيسي أمام مئات الأشخاص في ضوء النهار، ولم يكتف بذلك بل إنه قام بنحرها أمام الجميع دون خوف أو رهبة من أحد، ولم يتحرك أحد المشاهدين للجريمة لإنقاذ الضحية، رغم أن بعضهم كانوا أصدقاء القتيلة.

وقبل مرور بضعة أشهر، في الإسماعيلية، تعدى شاب على رجل كبير في قلب الشارع أيضا، واستل سكينا كان يحملها، وسدد له طعنات في أنحاء جسده منعته من الدفاع عن نفسه، وبعدما خارت قواه ووقع أرضا، فصل رقبته عن جسده، وسار بها بين المارة دون أن يحاول أحد التدخل لمنع الجريمة، بل وقف الجميع يشاهد ويصور.

وأثبتت هذه الجرائم المأسوية غياب النخوة والشهامة لبعض المواطنين في الفترة الأخيرة، رغم أنها من أهم الصفات التي يتسم بها الشعب المصري، ما يجعلنا نتساءل عن أسباب انتشار حالة اللامبالاة والسلبية بين المواطنين، وكيف لجان يقتل شخصا بهذه الطريقة الوحشية أمام الجميع دون تحرك من أحد، تناقش "بوابة الأهرام" في التقرير التالي الإجابة عن هذه التساؤلات مع عدد من الخبراء.

لماذا غابت النخوة والشهامة في المجتمع؟

اقتصار تفكير البعض في الفترة الأخيرة على المصلحة الشخصية، والخوف من الأضرار التي يمكن أن تلحق به في حال تدخله لإنقاذ الضحية، السر وراء الجميع يشاهد وقائع القتل والتعذيب في الشارع دون التفكير في التحرك لمنع حدوث الجريمة، بحسب الدكتور محمد هاني استشاري الطب النفسي، والذي أكد أن تفكير المشاهد يتجه في ذلك الوقت إلى التصوير لنشر الفيديو وجلب المشاهدات العالية والشهرة السريعة؛ حيث سيتابعه الكثير من رواد التواصل الاجتماعي.

وما يحدث من جرائم بشعة أمام أنظار الجميع دون تحرك، يؤكد غياب النخوة والشهامة عند الكثير من المواطنين، ومن أهم الأسباب التي أدت لذلك كما أوضح "هاني"، هي الإطلاع على الثقافات الغربية، وأخذ السيئ منها فقط، والتمسك بالطباع السيئة وترك الإيجابية في مجتمعنا، بالإضافة إلى تخلي البعض عن ثقافتنا وهويتنا ما تسبب في ظهور مسخ ثقافي، مع تراجع دور الفن ورجال الدين في توعية الأجيال الجديدة.

الانحدار الأخلاقي في المجتمع

ويؤكد استشاري الطب النفسي، أننا نواجه انحدارا أخلاقيا في المجتمع بشكل كبير، وذلك بسبب القصور في تنشئة الأجيال الجديدة التي تكبر على الاعتياد على مشاهدة العنف والتفكك الأسري الذي له دور كبير في التنشئة غير الصحية للأطفال، ما يؤدي لزيادة الانحدار الأخلاقي والقيم في المجتمع، وفي حال عدم وضع خطة للارتقاء بالمستوى الفكري والأخلاقي سيشهد المجتمع جرائم أبغض من جريمة الإسماعيلية.

أما عن أسباب حالة اللامبالاة التي سيطرت على المواطنين ومشاهدين حادثة فتاة المنصورة، ترى الدكتور سامية خضر أستاذ علم الاجتماع، أن هذه الحالة لم تكن ناتجة من صدمة الناس بالواقعة؛ حيث إنهم كانوا على وعي تام بما يحدث، ولكن كان تفكيرهم في توثيق الواقعة لروايتها أو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يجعلهم لا يفكرون في إنقاذ الضحية.

وأفلام البلطجة والعنف التي انتشرت في السنوات الماضية، جعلت الناس يعتادون على مشاهدة العنف والدم والذبح، كما أنها أصبحت أداء لمعرفة طرق جديدة للقتل وتبرر للقاتل وتجعله نموذج يقتدي به الشباب، ما يسهم في ترسيخ أن البلطجي شخص جيد، ما ساعد في تلاشي النخوة والشهامة التي كان يتسم بها المجتمع المصري مع الوقت.

اختفاء الوازع الديني

كما أن اختفاء الوازع الديني، وإهمال تربية الأبناء، من أهم الأسباب أيضا التي أدت لسيطرة حالة اللامبالاة بين المواطنين، حيث تؤكد أستاذ علم الاجتماع، أن الوازع الديني تحول لشيء مظهري، حيث يترنح المجتمع ما بين الإفراط الشديد في التدين المظهري، أو التفريط التام والبعد عن كل ما يخص الدين، وكذلك إهمال تربية الأبناء بسبب الانشغال بالحياة الاقتصادية أو الأهواء الشخصية تؤدي في النهاية إلى ظهور شخص منحرف.

عقوبة من يصور جريمة دموية

ويشدد أساتذة علم النفس والاجتماعي، على ضرورة تربية الأبناء على الرجولة والنخوة والشهامة واتخاذ المواقف القوية في الخلافات وتعزيز مشاعر الانتماء والإحساس بالآخر، ومساعدة الشخص التي يرى احتياجه للمساعدة، بالإضافة إلى دور الإعلام نظرا أننا في حاجة لإصلاح الشعب بالدراما والأعمال الفنية التي تعمل على تعزيز الانتماء ورفض الشر ومساندة الضعفاء.

كما طالبوا بضرورة محاسبة كل شخص يكتفي بتصوير الجرائم الدموية وترك الضحية ضعيفا أمام الجاني،ولابد أيضا معاقبة أي شخص يقوم بنشر فيديو لجريمة دموية على مواقع التواصل الاجتماعي، لكسب الشهرة على حساب الضحية وأهله، وكذلك دون مراعاة التأثير النفسي على من يشاهد هذه المقاطع المليئة بالعنف والدماء، ويتم وضع بعض بنود القانون التي تحدد عقوبة لهؤلاء الأشخاص.

ومن الناحية الإعلامية، لا بد من منع نشر الرموز السلبية من دراما وأفلام، أو مشاهد العنف التي تشجع الشباب على السلوك العنيف واستخدام البلطجة في أي شيء، ويتم مواجهة ذلك من خلال عمل برامج توعية ونشر محتوى تعليمي وثقافي لمحاربة المحتوى الذي يشجع على العنف والتفكير في الذات والأنانية واللامبالاة التي تراكمت في المجتمع على مدار السنوات الأخيرة.

ماذا لو قُتل القاتل من شخص يدافع عن الضحية؟

ماذا لو قام شخص بقتل قاتل نيرة للدفاع عنها ومنع حدوث الجريمة، هل سيحاسب أمام القانون، سؤال يدور في أذهان الكثير من الأشخاص الذين لا يفكرون في التدخل خوفا من محاكمتهم، ويجيب عنه المحامي محمد حامد، والذي أكد أن حالة الضرورة تقدر بمقدارها أمام المحكمة، ففي حادثة مقتل نيرة أشرف، فإن القاتل كان لديه سلاح أبيض فإذا تدخل شخص لمنع الجريمة وخلالها قام بقتل المجرم حامل السلاح، فإنه لا يحاسب قانونيا لأنه دفاع شرعي عن النفس والغير فهو ظرف مشدد وهناك أداء قاتلة تجعل الجميع معرض للخطر، لذا يكون الشخص برئ ولا يتم حبسه.

أما في حال إذا لم يكن هناك سلاح مع المجرم، وقام شخص بالتدخل خلال مشادة وتسبب في قتله بأي طريقة، فإن هذه الجريمة قد تصل عقوبتها الإعدام، لأنه ليس هناك ضرورة للقتل أو ظروف ضرورية لحدوث ذلك. نقلا عن الاهرام


التعليقات

أخبار شبيهة