أجمع مختصون على أن تحريك سعر الصرف وحده لا يكفي للقضاء على السوق غير المننتظم للعملة، فيما يتطلب استقرار سعر الصرف تدبير احتياجات الأسواق بما يسهم في جذب مزيد من السيولة المكتنزة، بينما يمكن لبعض الإجراءات الحد من المضاربة على العملات.
قال يوسف فاروق الخبير المصرفي، إن السعر الحقيقي للعملة تحدده قوى العرض والطلب، بينما تحدد الجهات الرسمية السعر الرسمي وغالبا ما يكون سعر الصرف مدار نتيجة عدة عوامل منها عوامل سياسية، موضحا أن السوق الموازية تخرج من رحم السوق الرسمي، نتيجة عدم قدرتها على تدبير احتياجات الأسواق من العملات.
أضاف لـ«المصري اليوم» أن القضاء على السوق غير المنتظم لا يكمن في التسعير وإنما في التدبير، مشيرا إلى أنه خلال أوقات المضاربة تتزايد نسب سيولة العملات بالسوق غير المنتظم ويقل التنازل عنها بالبنوك، رغم أن صرف الحوالات بالعملات الأجنبية، بذات العملة يتم بمصروفات، بينما تعفى الحوالة من المصروفات عند الحصول عليها بالجنيه، موضحا أنه حتميا سيكون هناك فجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازي في حالة عدم توفر العملات بالفطاع المصرفي.
وتابع أنه عقب تدبير احتياجات الأسواق بالقطاع المصرفي تنتقل هذه السيولة إلى البنوك وينتج عنها وفرة واستقرار في سعر الصرف.
وذكر الخبير المصرفي أن تفاوت سعر الدولار بالأسواق المختلفة قاعدة عامة، ويزيد معدل سعر الدولار بسوق الذهب عن غيره من الأسواق، يليه سوق السيارات، ثم يقل تدريجيا بالأسواق الأقل استهلاكا للواردات، حيث يكون أعلى سعر للدولار بأسواق المنتجات المستوردة مكتملة الصنع، كما تزيد هوامش أرباحها أيضا، ويقل مستوى التسعير بالأسواق التي تعتمد على كماليات محلية الصنع وفقا لنسبتها بالمنتج.
أوضح فاروق أن شهادات 25% حدّت من المضاربة على الدولار، ووفقا لقواعد العرض والطلب التي تحدد أسعار السلع ستسهم في الحد من ارتفاع سعر الدولار، على أن يتم التدبير بالقطاع المصرفي.
من جانبه، قال هاني ميلاد، رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن هناك علاقة وثيقة بين سعر الذهب والدولار.
وأضاف في تصريح خاص لـ المصري اليوم، أن سعر الذهب في مصر، يزيد عن السعر العالمي في الفترة الحالية وذلك لأن السعر تحدده 3 عوامل هي سعر الذهب العالمي وسعر الصرف وحالة العرض والطلب، موضحا أنه نتيجة وقف استيراد الذهب وانحسار التداول وفقا للكمية المتاحة بالسوق المحلية فإن قوى العرض والطلب كانت العامل الرئيسي في تحديد سعر الذهب، ونتيجة زيادة الطلب تجاوز سعر الذهب في مصر أسعاره العالمية.
إلى ذلك اتفق طارق متولي، الخبير المصرفي، على أن قوى العرض والطلب هي العامل الرئيسي في تحديد سعر العملات، موضحا أن العمل على تدبير الدولار استلزم طرح شهادة 25% للحد من المضاربة.
أضاف في تصريح خاص، أن العمل على توفير سعر واحد للعملة أهم عوامل استقرار الاقتصاد، مشيرا إلى أنه عقب القضاء على السوق الموازي يجب العمل على معالجة المشكلات الاقتصادية التي ينتج عنها الفجوة الدولارية.
تابع متولي، أنه لا يمكن التنبؤ بمستقبل سعر الصرف، في ظل وجود سوق غير منتظم، بينما يمكن بسهولة توقع مستقبل أسعار الصرف عقب القضاء على الأسواق غير المنتظمة التي تتسع فيها فجوة تفاوت الأسعار.
وقال هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ، إنه من الناحية الاكاديمية البحتة يتحدد سعر أي عملة بما يعرف بالقوة الشرائية المتعادلة، وهي تعني قيمة مجموع السلع والخدمات التي تشتريها عملة أي بلد مقارنة بقيمة نفس السلة في دولة المقارنة أي أن شراء سلة معينة من السلع «يتم اختيار أوزانها النسبية على أساس علمى» في مصر بـ100 جنيه، وشراء ذات السلة في امريكا بـ 10 دولار، فإنه من الناحية النظرية الدولار يعادل 10 جنيهات، وهذه هي القيمة الفعلية للعملة نظريا.
ذكر أنه من الناحية العملية، تتدخل عوامل أخرى في هذه المعادلة مثل حجم الدعم في تسعير سلة السلع والخدمات، وعجز الموازنة، وعجز أو فائض ميزان المدفوعات، والمضاربة، وحجم الديون الاجنبية، وغيرها، مما يجعل سعر العملة يتحدد بتفاعل قوى العرض والطلب.
أشارتوفيق، إلى إن التعويم الكامل والحر للجنيه يستوجب توفر الحصيلة الدولارية الكافية لدى البنك المركزى للتحكم في حركة سعر الدولار فيما يعرف فنيًا بعمليات السوق المفتوحة Open Market Operations، واتخاذ خطوات واضحة بشأن جذب الاستثمارات الأجنبية، والسياحة، والتصدير.
تابع أن تعويم الجنيه يستوجب، تخفيض تدريجى ومحسوب في قيمة الجنيه وليس تعويم كامل وحر، ليعطي نتيجة إيجابية سياسيًا، واجتماعياً، واقتصادياً، وليس العكس، لافتا إلى تجربة تركيا مع التعويم، في 2018، حيث انخفضت الليرة 75٪ في 5 سنوات، وارتفع معدل التضخم إلى 80٪.
في سياق متصل قال تاجر تجزئة بسوق الأزهر للأقمشة، إن الأسواق المعروفة في مصر، جميعها تتضمن اقتصاد موازي بنسب كبيرة، مما يعني أنها تستفيد بخدمات من الدولة دون مقابل.
ولفت إلى أن زيادة اسعار السلع الأخيرة في مصر، غير ناتجة عن زيادة سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه فقط، ولكنها ناتجة عن حالة جشع بشكل عام، لافتا إلى أن من أسباب الزيادة احتكار السلع وسلوك المستهلكين في التعامل مع الأزمات، موضحا أن مخزونات الاسواق الاستراتيجية تغطي فترات كبيرة من الاستهلاك.
ذكر أن الزيادة في الأسعار خلال 2022 تراوحت بين 70 إلى 80 % متوقعا ركود واضح خلال 2023 يفوق ركود الأسواق خلال 2022.
من جانبه، قال أحد تجار التجزئة بذات السوق إن عاملان تخلو عن العمل لديه خلال 2022، بعدما أتيحت لهم فرصة أخرى، لم يستعيض عنهم بآخرين واكتفى بعدد العمال الموجود لتراجع الطلب، موضحا أن الزيادة في أسعار بعض المنتجات بلغت 90 %، وسط ركود ملحوظ بالأسواق.
وقال أحمد . ع، تاجر جملة بالسوق، إن أسعار الأقمشة لديه لم تتغير كثيرا خلال 2022، حيث أنه يعمل في منتجات مصنعة محليا، مفسرا ذلك بأن المصنع الذي يقوم بتوريد البضاعة لم ينتهي من مخزوناته المستوردة قبيل زيادة الأسعار.
أضاف في تصريح خاص، أن بعض الأقمشة تشهد كثافة في الطلب وهي مستوردة كمنتج نهائي، وشهدت زيادات متلاحقة في السعر إلا أنه تخلى عنها واستبدلها بأخرى أقل طلبا.
لفت إلى أن تجارته تشهد ركودا غير طبيعي من المتوقع له أن يؤثر على المورد وتجار التجزئة وكذلك المستهلك النهائي الذي اتضح إحجامه مؤخرا عن شراء احتاجات غير أساسية، موضحا أن شركته لم تتخلى عن عمالة خلال 2022.