قد يقدم شخص ما على ارتكاب عمل أو فعل غير قانونى، كالسرقة أو النصب والاحتيال أو القتل وغيرها من الجرائم، التى تمثل مساسا بالحقوق التى يحميها الشرع والقانون، فتتم إدانته، ويواجه عقوبات جزاء ما اقترفته يداه، إلا أن هناك حالات يعفى فيها الجانى من العقوبة .
المستشار الدكتور عبد الفتاح مراد، رئيس محكمة الاستئناف، أوضح أن الدستور المصرى وضع الأسس الدستورية العامة للتجريم والعقاب، فلا جريمة ولا عقوبة ولا إعفاء منها دون نص فى القانون .
وفلسفة العقاب فى القانون الجنائى أوجبت وضع النظام القانونى للأعذار المُعفيّة من العقاب أو موانع العقاب، وهى حالات رأى المشرع إعفاء بعض المساهمين فى الجريمة من العقاب تشجيعاً لحالات الإبلاغ عن بعض الجرائم التى يصعب اكتشافها، وقد حدد المشرع موانع العقاب فى نصوص قانونية صريحة، حيث تضمنت المادة 805 من التعليمات القضائية للنيابات الصادرة سنة 1980 المعدلة أهم أمثلة للأعذار المعفية من العقاب وهي: - قيام أحد المساهمين بالإبلاغ عن باقى المتهمين فى الجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج، وكذلك جرائم الإرهاب طبقاً للمادة م84(1) و88 مكرر (هـ) عقوبات، وجريمة الاغتصاب طبقاً للمادة 101 عقوبات، وجرائم تزييف وتقليد العملة طبقاً للمادة 105 عقوبات، وجرائم العدوان على المال العام طبقاً للمادة 118 مكررا (ب) عقوبات، وغيرها مثل المادة 15 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر وبعض مواد قانون جرائم تقنية المعلومات.
كما جرى العمل على أنه إذا كان الأصل أن توافر العذر المُعفى من العقاب من اختصاص القضاء، إلا أنه لا يوجد ما يحول دون تقرير ثبوت الأعذار المعفية خلال مرحلة التحقيق الابتدائى، بعد أن تكون النيابة العامة قاضياً للتحقيق، لأنها تُصدر حكماً قضائياً مُسبباً له حجية، وهو الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، خاصة أن المانع من العقاب يكون ثابتاً بنص القانون ، وبالتالى فإنه يُفترض أن يَدفع به المُبلّغ أمام سلطة التحقيق ، لأن سلطة التحقيق – أو المحكمة – ليست مُلزمة بتقصى الأعذار المعفية من تلقاء نفسها ، فإذا انتهت إلى توافر المانع تُصدر قراراً بأن لا وجه لصالح من توافر المانع لديه ، لأنه فى النهاية سيُعفى من العقاب بقوة القانون .
كذلك فإن المركز القانونى للمُبلّغ أثناء التحقيق، هو أنه يُعتبر شاهداً على الواقعة محل التحقيق، وأحد أهم أدلة الثبوت التى تحشدها النيابة العامة ضد باقى المتهمين .
وقد جرى العمل على أنه يتم إصدار الأمر بعدم وجود وجه لصالح المُبلّغ قبل إحالة باقى المتهمين للمحكمة وذلك لتأكيد الاتهام ضد باقى المتهمين.
ويشير المستشار مراد إلى أن سلطة التقرير بوجود مانع من العقاب وإصدار قرار بأن لا وجه لصالح من يستحقه قانوناً، هو تبسيط واقتصاد فى الإجراءات، وإعطاء الفرصة للقضاء للبت فى قضايا المتهمين الذين ليست لديهم أعذار معفية، ويؤدى هذا إلى توفير الوقت للقضاء دون أن يمضيه فى التقرير النظرى للمسئولية دون نطق بالعقوبة الفعلية.