هل هناك أمل لمصر في ظل النظام الرأسمالي وقوانينه؟! متى تنتهي أزمات مصر الاقتصادية ومن يملك الحلول الصحيحة؟!
هل هناك أمل لمصر في ظل النظام الرأسمالي وقوانينه؟! متى تنتهي أزمات مصر الاقتصادية ومن يملك الحلول الصحيحة؟!

لا صوت يعلو فوق صوت الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بمصر وأهلها تلتهم أقواتهم وجهودهم وتضيع معها مدخراتهم، فقروض جديدة وقروض لسداد عوائد قروض، تتبعها سياسات وقرارات وتفريط فيما تبقى لمصر من ثروات وأصول وممتلكات، فهكذا الرأسمالية لا تعطي عسلا بل تمتص دماء الناس حتى آخر قطرة، وهذا عين ما تفعله بمصر وأهلها.

أشار تقرير لوزارة المالية إلى هيمنة عوائد الديون الربوية على 46.5% من مصروفات مصر خلال الربع الأول من العام المالي الحالي تموز/يوليو – أيلول/سبتمبر 2022، مسجلة 216.940 مليار جنيه، من إجمالي المصروفات البالغة 466.4 مليار جنيه، عوائد ربوية خارجية بقيمة 18.7 مليار جنيه، وعوائد محلية لغير الحكوميين بقيمة 197.950 مليار، ووحدات محلية (وحدات الحكومة العامة) بقيمة 268 مليونا، العجز الكلي للموازنة المصرية ارتفع إلى 2.27% من الناتج المحلي الإجمالي، خلال فترة الربع الأول من العام المالي الحالي، بقيمة 206.77 مليار جنيه، مقارنة بعجز 12.2% من الناتج المحلي خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي، جاء هذا العجز نتيجة زيادة الإيرادات 15.5% خلال الفترة المذكورة لتصل إلى 258.8 مليار جنيه، مقارنة بـ223.9 مليار جنيه الفترة المناظرة بالعام المالي الماضي، مقارنة بزيادة في المصروفات 19% لتصل إلى 466.4 مليار جنيه، مقارنة بـ391.3 مليار جنيه الفترة المناظرة من العام الماضي. (جريدة المال 2022/12/25)

التقرير السابق يشير إلى ما تلتهمه عوائد الديون الربوية فكيف بالديون نفسها وكيف بما يصاحبها من قرارات تمنح المقرضين هيمنة تامة على مصر وثرواتها وقراراتها وسياساتها، فضلا عن استعباد أهلها وضمان تبعيتها للغرب لعقود قادمة؟! عجز دائم في الموازنة يعالج بقروض جديدة تزيد حدة العجز وترفع سقف التضخم ونسبة فقر الناس. علاج رأسمالي فاسد لأزمات هي من صنعتها وكانت مصر في غنى عنها بما تملك من موارد وثروات، فقط إذا أحسنت الدولة استغلالها.

إن أزمة مصر الحقيقية ليست في الفقر ولا شح الموارد ولا غياب القادرين على التعامل معها وإنتاج الثروة منها، فهي تملك وفرة في الموارد ووفرة في الطاقات وتستطيع مع الوقت اكتساب الخبرات، لكن أزمتها هي في الرأسمالية وقوانينها التي تمنع الناس من استغلال الموارد وتمنح امتيازها لشركات الغرب وتمنع الناس من زراعة القمح والأرز لتنتفع شركات الغرب التي تجلبهما لبلادنا، وتصفي الصناعات الثقيلة حتى نشتري السلاح والمعدات وآلات المصانع من شركات الغرب، باختصار تجعل من بلادنا سوقا رائجة لمنتجات الغرب على اختلاف أنواعها وخاصة الاستراتيجية لتطوق أعناقنا متى ما حاولنا الفكاك من ربقة التبعية.

إن أزمة مصر هي في غياب النظام الذي يرعى الناس رعاية حقيقية فيضمن لهم كأفراد إشباع حاجاتهم الأساسية من مأكل وملبس ومشرب ويضمن للمجتمع كله الأمن والتعليم والرعاية الصحية على أعلى مستوى ممكن وبالمجان، لا فرق في الرعاية والكفاية بين غني وفقير ولا بين مسلم وغير مسلم فالجميع متساوون أمام الدولة في الحقوق والواجبات، والنظام نفسه الذي يجب أن يمكن الناس من الانتفاع بالموارد واستغلالها على الوجه الأمثل وإنتاج الثروة منها، كما يجب عليه أن يضع يده على منابع الثروات والمعادن الدفينة وينتج بنفسه الثروة منها ويعيد توزيعها على الناس توزيعا عادلا، كل هذا لا يضمنه إلا الإسلام بنظامه المحكم ودولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

إن حال أهل مصر في ظل الديمقراطية الرأسمالية كمن يغرق في بحر لا فكاك منه وينحدر نحو هاويته بشدة، وبمجرد اقتلاع الرأسمالية وأدواتها وما تفرع عنها سيشعرون بالفارق من أول يوم، وبتطبيق الإسلام كاملا سيكون طوق نجاتهم من الغرق، فيكفي توقف سيل نهب الثروات الذي يتدفق على خزائن الغرب، وتوقف التفريط المستمر في أصول الدولة التي بنيت وأسست بعَرق الناس ودمائهم وتوقف إهدار الموارد ومنابع الثروات الدفينة التي تمنح للغرب بلا ثمن، ويكفي رفع الضرائب عن الناس والتي تزيد عن 74% من موارد الدولة المصرية، كلها مقتطعة من جهود الناس ومدخراتهم، وسيرحمهم من فواتير المياه والكهرباء والغاز وغيرها مما هو في أصله من الملكية العامة، كل هذا مما لا يستطيع فعله ولا توفيره للناس إلا الإسلام بنظامه ودولته، فكيف ستكون حياة الناس حينها؟ قطعا ستكون حياة كريمة بحق.

هذا هو النظام الذي نسعى لتطبيقه بعدل الإسلام ورحمته؛ نظام يرعى الناس فيطعم ويكسو ويغيث الملهوف ولا يمن على الناس أو يتاجر عليهم بما يعطيهم من حقوق أو يوفره لهم من رعاية وحياة كريمة، هذا هو الواقع الذي نريده لمصر والأمة والذي يجب أن يكون غاية كل من يريد خيرا لمصر وأهلها، ولا سبيل لتحقيقه إلا بثلاثة:

أولا: اقتلاع الرأسمالية المتحكمة في بلادنا بكل أدواتها ورموزها ومنفذيها، وبكل أشكالها وصورها.

ثانيا: الانعتاق من التبعية للغرب بكل أشكالها وصورها وإغلاق سفاراته التي تعبث ببلادنا وتنشر سمها بين أبناء أمتنا.

ثالثا: تطبيق الإسلام كاملا في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

بهذا فقط يكون صلاح مصر ونهضتها نهضة حقيقية على كل الأصعدة، وهذا هو السبيل ولا سبيل سواه أمام كل من يريد خيرا لمصر وأهلها.

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾


التعليقات

أخبار شبيهة